في ظلال آية الحلقة الثالثة
صفحة 1 من اصل 1
في ظلال آية الحلقة الثالثة
في ظلال آية
الحلقة الثالثة
عذاب أليم وعذاب قريب وعذاب عظيم
وقع تبادل بين (أليم) في قوله تعالى:{فيأخذكم عذاب أليم} [الأعراف73]، و(قريب) في قوله تعالى: {فيأخذكم عذاب قريب} [هود64]، (يوم عظيم) في قوله تعالى: {فيأخذكم عذاب يوم عظيم}[الشعراء156].
وقد وردت البدائل المتغيرة في سياق قصة ناقة صالح، وتميز كل سياق في المواضع الثلاثة بحدث جعله يقتضي وصفاً للعذاب مختلفاً عن الوصف في الموضع الآخر.
ففي الأعراف ذكر السياق قوم صالح وكثرة تحديهم واستهزائهم وعتوّهم وكفرهم وذلك في قوله تعالى: {قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون}[الأعراف76]. ولم يرد في هود والشعراء تحديهم ولا عتوّهم واستكبارهم فاستحقوا أن يذكر لهم العذاب الأليم في الأعراف(1).
أما في هود فقد وصف العذاب بـ(قريب)، لأنه ذكر المدة الزمنية وهي ثلاثة أيام وذلك في قوله تعالى: {فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب}[هود65]، فذكر المدة التي بينهم وبين هلاكهم وقرب ما توعدهم به من عذاب الله لهم(2) وقيل أن وصف العذاب بالقرب لأنه عذاب في الدنيا(3).
أما في الشعراء فقد وصف العذاب بـ(يوم عظيم) لأنه ذكر قبل الآية اليومين المقسومين بين الناقة وبينهم وذلك في قوله تعالى: {قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم}[الشعراء155]، فذكر كلمة يوم إشارة إلى اليوم الذي يحدث فيه عقر الناقة، "كأنه قال لهم إن منعتموها يومها بعقر تنزلونه بها أخذكم عذاب يوم عظيم، فيوم تؤلمونها فيه فيكون به يوم يؤلمكم الله فيه بعذاب الاستئصال وهو يوم عظيم عليكم (4) وهكذا نلاحظ دور السياق في ربط الدلالة الجزئية بالدلالة الكلية ودور الجزء في الكشف عن الكل إذ "إن الجملة ذات دلالة جزئية، ولا يمكن أن نتصور بالتحديد الدلالة الحقيقية لكل جملة داخل ما يسمى بكلية النص إلا بمراعاة الدلالات السابقة واللاحقة في ذلك التسلسل/التتابع الجملي، إذ ينظر إلى النص مهما صغر حجمه على أنه وحدة كلية مترابطة الأجزاء(5)
ولابد للباحث في لغة القرآن أن يستنهض قدرته اللغوية ويمعن فكره بهدف تأمل أواصر القرابة بين الآيات أو أجزاء النص القرآني حتى لا يقف فهمه حينما يلاحظ العبارات المتماثلة أو المتشابهة في ألفاظها على حدود التكرار ولو كانت في سياق القصة أو الحادثة الواحدة، إذ إن "معرفة المناسبات والربط بين الآيات ليست أمراً توقيفياً، ولكنها تعتمد على اجتهاد المفسر ومبلغ تذوقه لإعجاز القرآن وأسراره البلاغية وأوجه بيانه الفريد، فإذا كانت المناسبة دقيقة المعنى منسجمة مع السياق متفقة مع الأصول اللغوية في علوم العربية، كانت مقبولة لطيفة(6)
واستئناساً بما تقدم لا نطمئن إلى ما ذهب إليه الزركشي في معرض حديثه عن فوائد التكرير، بأن التغيرات اللفظية في القصة الواحدة تعود إلى "أن المعاني التي اشتملت عليها القصة الواحدة من هذه القصص صارت متفرقة في تارات التكرير فيجد البليغ ـ لما فيها من التغييرـ ميلاً إلى سماعها، لما جبلت عليه النفوس من حب التنقل في الأشياء المتجددة التي لكل منها حصة من الالتذاذ به مستأنفة(7)
بقلم الدكتور: د. عمر عبد الهادي عتيق
---------------------------
الحلقة الثالثة
عذاب أليم وعذاب قريب وعذاب عظيم
وقع تبادل بين (أليم) في قوله تعالى:{فيأخذكم عذاب أليم} [الأعراف73]، و(قريب) في قوله تعالى: {فيأخذكم عذاب قريب} [هود64]، (يوم عظيم) في قوله تعالى: {فيأخذكم عذاب يوم عظيم}[الشعراء156].
وقد وردت البدائل المتغيرة في سياق قصة ناقة صالح، وتميز كل سياق في المواضع الثلاثة بحدث جعله يقتضي وصفاً للعذاب مختلفاً عن الوصف في الموضع الآخر.
ففي الأعراف ذكر السياق قوم صالح وكثرة تحديهم واستهزائهم وعتوّهم وكفرهم وذلك في قوله تعالى: {قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون}[الأعراف76]. ولم يرد في هود والشعراء تحديهم ولا عتوّهم واستكبارهم فاستحقوا أن يذكر لهم العذاب الأليم في الأعراف(1).
أما في هود فقد وصف العذاب بـ(قريب)، لأنه ذكر المدة الزمنية وهي ثلاثة أيام وذلك في قوله تعالى: {فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب}[هود65]، فذكر المدة التي بينهم وبين هلاكهم وقرب ما توعدهم به من عذاب الله لهم(2) وقيل أن وصف العذاب بالقرب لأنه عذاب في الدنيا(3).
أما في الشعراء فقد وصف العذاب بـ(يوم عظيم) لأنه ذكر قبل الآية اليومين المقسومين بين الناقة وبينهم وذلك في قوله تعالى: {قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم}[الشعراء155]، فذكر كلمة يوم إشارة إلى اليوم الذي يحدث فيه عقر الناقة، "كأنه قال لهم إن منعتموها يومها بعقر تنزلونه بها أخذكم عذاب يوم عظيم، فيوم تؤلمونها فيه فيكون به يوم يؤلمكم الله فيه بعذاب الاستئصال وهو يوم عظيم عليكم (4) وهكذا نلاحظ دور السياق في ربط الدلالة الجزئية بالدلالة الكلية ودور الجزء في الكشف عن الكل إذ "إن الجملة ذات دلالة جزئية، ولا يمكن أن نتصور بالتحديد الدلالة الحقيقية لكل جملة داخل ما يسمى بكلية النص إلا بمراعاة الدلالات السابقة واللاحقة في ذلك التسلسل/التتابع الجملي، إذ ينظر إلى النص مهما صغر حجمه على أنه وحدة كلية مترابطة الأجزاء(5)
ولابد للباحث في لغة القرآن أن يستنهض قدرته اللغوية ويمعن فكره بهدف تأمل أواصر القرابة بين الآيات أو أجزاء النص القرآني حتى لا يقف فهمه حينما يلاحظ العبارات المتماثلة أو المتشابهة في ألفاظها على حدود التكرار ولو كانت في سياق القصة أو الحادثة الواحدة، إذ إن "معرفة المناسبات والربط بين الآيات ليست أمراً توقيفياً، ولكنها تعتمد على اجتهاد المفسر ومبلغ تذوقه لإعجاز القرآن وأسراره البلاغية وأوجه بيانه الفريد، فإذا كانت المناسبة دقيقة المعنى منسجمة مع السياق متفقة مع الأصول اللغوية في علوم العربية، كانت مقبولة لطيفة(6)
واستئناساً بما تقدم لا نطمئن إلى ما ذهب إليه الزركشي في معرض حديثه عن فوائد التكرير، بأن التغيرات اللفظية في القصة الواحدة تعود إلى "أن المعاني التي اشتملت عليها القصة الواحدة من هذه القصص صارت متفرقة في تارات التكرير فيجد البليغ ـ لما فيها من التغييرـ ميلاً إلى سماعها، لما جبلت عليه النفوس من حب التنقل في الأشياء المتجددة التي لكل منها حصة من الالتذاذ به مستأنفة(7)
بقلم الدكتور: د. عمر عبد الهادي عتيق
---------------------------
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:17 من طرف admin
» العزة في الجهاد
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:13 من طرف admin
» "كفى استحمارا" الحلقة الأولى والثانية
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:01 من طرف admin
» نصيحة للشيعة الذي يعتقد أن دينه صحيح يدخل والذي لا يعتقد دينه صحيح لا يدخل
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:56 من طرف admin
» جرائم الشيعه ضد اهل السنه فى العراق (وثائق وصور)!!!!!!!!
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:54 من طرف admin
» أرشيف لجرائم الشيعه في أهل السنة بالعراق
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:51 من طرف admin
» مخططات الصيانة لجوالات Samsung
السبت 23 مارس 2013 - 0:13 من طرف مختارعقلان
» تقييد البث وإغلاق قنوات بمصر
الأربعاء 13 أكتوبر 2010 - 20:30 من طرف
» الولاء والبراء في عقيدة أهل السنة والجماعة
الثلاثاء 16 مارس 2010 - 1:19 من طرف نسمة الايمان