التوحيد معناه و أقسامه و فضائله
صفحة 1 من اصل 1
التوحيد معناه و أقسامه و فضائله
التوحيد
(معناه، أقسامه، فضائله)
التوحيد: هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له، وهو دين الرسل كلهم -عليهم الصلاة والسلام- الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه، ولا تصح الأعمال إلا به، إذ هو أصلهـا الذي تُبنى عليه.
أقسام التوحيد:
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفا ت، وتوحيد الألوهية.
1. توحيد الربوبية:
وهو الإقرار بأن لا رب للعالمين إلا الله الذي خلقهم، ورزقهم، وهذا النوع من التوحيد قد أقر به المشركون الأوائل، فهم يشهدون أن الله هو الخالق، والمالك، والمدبر، والمحيي، والمميت وحده لا شريك له، قال تعالى: ولئن سأ لتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون [العنكبوت: 61].
ولكن إقرارهم هذا وشهادتهم تلك لم تدخلهم في الإسلام، ولم تنجهم من النار، ولم تعصم دماءهم وأموالهم، لأنهم لم يحققوا توحيد الألوهية، بل أشركوا مع الله في عبادته، بصرفهم شيئاً منها
لغيره.
2. توحيد الأسماء والصفات:
وهو الإيمان بأن أسماءه دلالة قطعية على ما له سبحانه من صفات الكمال المطلق كما قال تعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى: 11]. وأن طريق معرفة ذلك هو الوحي وحده.
فيجب علينا : إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً يليق بجلاله من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تأويل، ولا تكييف، لا نحاول ذلك كله لا بقلوبنا وتصوراتنا، ولا بألسنتنا أن نكيف شيئاً من صفاته تعالى أو نمثلها بصفات المخلوقين.
3. توحيد الألوهية:
وهو توحيد العبادة أي: إفراد الله -سبحانه وتعالى- بجميع أنواع العبادة التي أمر بها كالدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من العبادات التي أمر الله بها كلها، والدليل قوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [الجن: 18]، فلا يجوز أن يصرف الإنسان شيئاً من هذه العبادات لغير الله -سبحانه وتعالى- لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العبادة لا تصح إلا لله، فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد أشرك بالله شركاً أكبر وحبط عمله.
وحاصله: هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله، ولا يكفي في التوحيد دعواه، والنطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين وما هم عليه من دعاء غير الله.
وتحقيق التوحيد: هو بمعرفته، والاطلاع على حقيقته، والقيام به علماً وعملاً، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح أو القلب إلى الله محبة، وخوفاً، وإنابة، وتوكلاً، ودعاءً، وإخلاصاً، وإجلالا،ً وهيبة، وتعظيماً، وعبادة، وبالجملة فلا يكون في قلب العبد شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله من الشركيات، والبدع، والمعاصي كبيرها وصغيرها، ولا كراهة لما أمر الله به، وذلك هو حقيقة التوحيد، وحقيقة لا إله إلا الله.
(معنى لا إله إلا الله):
أي لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء إلا الله وحده لا شريك له، لأن المعبودات الباطلة كثيرة، لكن المعبود الحق هو الله وحـده لا شريك لـه، قـال تعالى: ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير [الحج: 62]. وليس معناها لا خالق إلا الله، كما قد يظنه بعض الجهلة فإن كفار قريش الذين بعث فيهم -رسول الله صلى الله عليه وسلم- كانوا يقرون بـأن الخالـق المدبـر هو الله -تعالى- ولكنهم أنكروا أن تكون العبادة كلها لله وحده لا شريك له، كما في قوله تعالى عنهم: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب [ص: 5]، ففهموا من هذه الكلمة أنها تبطل عبادة أي أحد من دون الله وتحصر العبادة لله وحده، وهم لا يريدون ذلك، فلذلك حاربهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقوموا بحقها، وهو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.
وبهذا يبطل ما يعتقده المبتدعة من أن معنى لا إله إلا الله: هو الإقرار بأن الله موجود، أو أنه هو الخالق القادر على الاختراع، وأشباه ذلك، وأن من اعتقد ذلك فقد حقق التوحيد المطلق، ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله، ودعاء الأموات، والتقرب إليهم بالنذور وبالطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم.
لقد عرف كفار قريش من قبل أن لا إله إلا الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة، وأنهم لو قالوها واستمروا على عبادة الأصنام، لتناقضوا مع أنفسهم، وهم يأنفون من التناقض، أما من يقول: لا إله إلا الله، ثم ينقضها بدعاء الأموات من الأولياء والصالحين، والتقرب إلى أضرحتهم بأنواع من العبادات فهو جاهل لمعنى كلمة التوحيد، عامل بما يناقض مقتضاها.
ولقد جاءت الأحاديث الكثيرة التي تبيّن أن معنى لا إله إلا الله هو: البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد، وإفراد الله بالعبادة؛ فهذا هو الهدى ودين الحق، الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، أما قول الإنسان لا إله إلا الله من غير معرفة بمعناها، ولا عمل بمقتضاها، أو دعواه أنه من أهل التوحيد وهو لا يعرف التوحيد، بل ربما يخلص لغير الله في عبادته؛ من الدعاء، والخوف، والذبح، والنذر، والاستغاثة، والتوكل، وغير ذلك من أنواع العبادات؛ فإن هذا نقض للتوحيد، وصاحبه مشرك.
قال ابن رجب: فإن تحقق القلب بمعنى لا إله إلا الله، وصدقه فيها، وإخلاصه، يقتضي أن يرسخ فيه تأله الله وحده، إجلالاً، وهيبة، ومخافة، ومحبة، ورجاء، وتعظيماً، وتوكلاً، ويمتلئ بذلك، وينتفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك لم تبق فيه محبة، ولا إرادة، ولا طلب لغير ما يريد الله ويحبه ويطلبه، وينتفي بذلك من القلب جميع أهواء النفس وإرادتها، ووسواس الشيطان.
فمن أحب شيئا، وأطاعه، وأحب عليه، وأبغض عليه، فهو إلهه، فمن كان لا يحب ولا يبغض إلا الله، ولا يوالي ولا يعادي إلا لله، فالله إلهه حقاً، ومن أحب لهواه وأبغض له، ووالى عليه وعادى عليه فإلهه هواه كما قال تعالى: أرأيت من اتخذ إلهه هواه [الفرقان: 43].
(فضل كلمة الإخلاص):
لقد اجتمع لكلمة الإخلاص فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها عاملاً بمقتضاها، ومن أعظم فضائلها أن الله حرم على النار من قالها يبتغي بذلك وجه الله. كما في حديث عتبان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" متفق عليه. وغير ذلك من الأحاديث التي تبين أن الله حرم على النار من قال لا إله إلا ا لله. لكن هذه الأحاديث جاءت مقيدة بالقيود الثقال.
إن من يقول كلمة الإخلاص عاداً وتقليداً دون ان يخالط الإيمان بشاشة قلبه لا يمكن أن يقال إنه قالها مخلصاً بها لله، ومثله من يقولها وهو مصر على ذنب وقتها ومن به، فإن هذا ينافي الإخلاص فيها وكمال المحبة لصاحبها،ومثل هؤلاء هم من يفتن عنها عند الموت ويحال بينه وبين النطق بها، وكذلك عند يسأل عن ربه فيقول: "لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته" رواه أحمد وأبوداود.
وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإن ثمرتها مشروطة بأن يقولها بإخلاص ويقين تام وهذا معنى قوله: "يبتغي بها وجه الله"، ومن ثم فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، وإذا كان الله أحب إليه من كل شيىء كان محباً لمحبوباته وأوامره، مبغضاً لمنهياته، مسارعاً بالامتثال والانقياد، ولا يبقى إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله به ومن كان هذا حاله غفرت ذنوبه السابقة مهما بلغت وزكا حمله وصلح حاله في الدنيا وحاله في الآخرة.
اركان لا إله إلا اللّه:
للشهادة ركنان:
نفي في قوله: "لا إله".
إثبات في قوله: "إلا الله".
"فلا إله" نفت الألوهية عن كل شيء سوى الله،
وإلا الله" أثبتت الألوهية لله وحده لاشريك له.
(معنى شهادة أنّ محمداً رسول الله):
معناها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد ا لله إلا بما شرع، فلا بد للمسلم من تحقيق أركان تلك الشهادة، فلا يكون كامل الشهادة له بالرسالة من قالها بلسانه وترك أمره، وارتكب نهيه، وأطاع غيره، أو تعبّد الله بغير شريعته، قال (صلى الله عليه وسلم) : "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله" رواه البخاري، وقال (صلى الله عليه وسلم) : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد" متفق عليه.
* ومن مقتضى هذه الشهادة -أيضاً- أن لا يعتقد أن لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حقاً في الربوبية، وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع والضر إلا ما شاء الله
(معناه، أقسامه، فضائله)
التوحيد: هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له، وهو دين الرسل كلهم -عليهم الصلاة والسلام- الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه، ولا تصح الأعمال إلا به، إذ هو أصلهـا الذي تُبنى عليه.
أقسام التوحيد:
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفا ت، وتوحيد الألوهية.
1. توحيد الربوبية:
وهو الإقرار بأن لا رب للعالمين إلا الله الذي خلقهم، ورزقهم، وهذا النوع من التوحيد قد أقر به المشركون الأوائل، فهم يشهدون أن الله هو الخالق، والمالك، والمدبر، والمحيي، والمميت وحده لا شريك له، قال تعالى: ولئن سأ لتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون [العنكبوت: 61].
ولكن إقرارهم هذا وشهادتهم تلك لم تدخلهم في الإسلام، ولم تنجهم من النار، ولم تعصم دماءهم وأموالهم، لأنهم لم يحققوا توحيد الألوهية، بل أشركوا مع الله في عبادته، بصرفهم شيئاً منها
لغيره.
2. توحيد الأسماء والصفات:
وهو الإيمان بأن أسماءه دلالة قطعية على ما له سبحانه من صفات الكمال المطلق كما قال تعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى: 11]. وأن طريق معرفة ذلك هو الوحي وحده.
فيجب علينا : إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً يليق بجلاله من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تأويل، ولا تكييف، لا نحاول ذلك كله لا بقلوبنا وتصوراتنا، ولا بألسنتنا أن نكيف شيئاً من صفاته تعالى أو نمثلها بصفات المخلوقين.
3. توحيد الألوهية:
وهو توحيد العبادة أي: إفراد الله -سبحانه وتعالى- بجميع أنواع العبادة التي أمر بها كالدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من العبادات التي أمر الله بها كلها، والدليل قوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [الجن: 18]، فلا يجوز أن يصرف الإنسان شيئاً من هذه العبادات لغير الله -سبحانه وتعالى- لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العبادة لا تصح إلا لله، فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد أشرك بالله شركاً أكبر وحبط عمله.
وحاصله: هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله، ولا يكفي في التوحيد دعواه، والنطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين وما هم عليه من دعاء غير الله.
وتحقيق التوحيد: هو بمعرفته، والاطلاع على حقيقته، والقيام به علماً وعملاً، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح أو القلب إلى الله محبة، وخوفاً، وإنابة، وتوكلاً، ودعاءً، وإخلاصاً، وإجلالا،ً وهيبة، وتعظيماً، وعبادة، وبالجملة فلا يكون في قلب العبد شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله من الشركيات، والبدع، والمعاصي كبيرها وصغيرها، ولا كراهة لما أمر الله به، وذلك هو حقيقة التوحيد، وحقيقة لا إله إلا الله.
(معنى لا إله إلا الله):
أي لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء إلا الله وحده لا شريك له، لأن المعبودات الباطلة كثيرة، لكن المعبود الحق هو الله وحـده لا شريك لـه، قـال تعالى: ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير [الحج: 62]. وليس معناها لا خالق إلا الله، كما قد يظنه بعض الجهلة فإن كفار قريش الذين بعث فيهم -رسول الله صلى الله عليه وسلم- كانوا يقرون بـأن الخالـق المدبـر هو الله -تعالى- ولكنهم أنكروا أن تكون العبادة كلها لله وحده لا شريك له، كما في قوله تعالى عنهم: أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب [ص: 5]، ففهموا من هذه الكلمة أنها تبطل عبادة أي أحد من دون الله وتحصر العبادة لله وحده، وهم لا يريدون ذلك، فلذلك حاربهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقوموا بحقها، وهو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.
وبهذا يبطل ما يعتقده المبتدعة من أن معنى لا إله إلا الله: هو الإقرار بأن الله موجود، أو أنه هو الخالق القادر على الاختراع، وأشباه ذلك، وأن من اعتقد ذلك فقد حقق التوحيد المطلق، ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله، ودعاء الأموات، والتقرب إليهم بالنذور وبالطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم.
لقد عرف كفار قريش من قبل أن لا إله إلا الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة، وأنهم لو قالوها واستمروا على عبادة الأصنام، لتناقضوا مع أنفسهم، وهم يأنفون من التناقض، أما من يقول: لا إله إلا الله، ثم ينقضها بدعاء الأموات من الأولياء والصالحين، والتقرب إلى أضرحتهم بأنواع من العبادات فهو جاهل لمعنى كلمة التوحيد، عامل بما يناقض مقتضاها.
ولقد جاءت الأحاديث الكثيرة التي تبيّن أن معنى لا إله إلا الله هو: البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد، وإفراد الله بالعبادة؛ فهذا هو الهدى ودين الحق، الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، أما قول الإنسان لا إله إلا الله من غير معرفة بمعناها، ولا عمل بمقتضاها، أو دعواه أنه من أهل التوحيد وهو لا يعرف التوحيد، بل ربما يخلص لغير الله في عبادته؛ من الدعاء، والخوف، والذبح، والنذر، والاستغاثة، والتوكل، وغير ذلك من أنواع العبادات؛ فإن هذا نقض للتوحيد، وصاحبه مشرك.
قال ابن رجب: فإن تحقق القلب بمعنى لا إله إلا الله، وصدقه فيها، وإخلاصه، يقتضي أن يرسخ فيه تأله الله وحده، إجلالاً، وهيبة، ومخافة، ومحبة، ورجاء، وتعظيماً، وتوكلاً، ويمتلئ بذلك، وينتفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك لم تبق فيه محبة، ولا إرادة، ولا طلب لغير ما يريد الله ويحبه ويطلبه، وينتفي بذلك من القلب جميع أهواء النفس وإرادتها، ووسواس الشيطان.
فمن أحب شيئا، وأطاعه، وأحب عليه، وأبغض عليه، فهو إلهه، فمن كان لا يحب ولا يبغض إلا الله، ولا يوالي ولا يعادي إلا لله، فالله إلهه حقاً، ومن أحب لهواه وأبغض له، ووالى عليه وعادى عليه فإلهه هواه كما قال تعالى: أرأيت من اتخذ إلهه هواه [الفرقان: 43].
(فضل كلمة الإخلاص):
لقد اجتمع لكلمة الإخلاص فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها عاملاً بمقتضاها، ومن أعظم فضائلها أن الله حرم على النار من قالها يبتغي بذلك وجه الله. كما في حديث عتبان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" متفق عليه. وغير ذلك من الأحاديث التي تبين أن الله حرم على النار من قال لا إله إلا ا لله. لكن هذه الأحاديث جاءت مقيدة بالقيود الثقال.
إن من يقول كلمة الإخلاص عاداً وتقليداً دون ان يخالط الإيمان بشاشة قلبه لا يمكن أن يقال إنه قالها مخلصاً بها لله، ومثله من يقولها وهو مصر على ذنب وقتها ومن به، فإن هذا ينافي الإخلاص فيها وكمال المحبة لصاحبها،ومثل هؤلاء هم من يفتن عنها عند الموت ويحال بينه وبين النطق بها، وكذلك عند يسأل عن ربه فيقول: "لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته" رواه أحمد وأبوداود.
وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإن ثمرتها مشروطة بأن يقولها بإخلاص ويقين تام وهذا معنى قوله: "يبتغي بها وجه الله"، ومن ثم فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، وإذا كان الله أحب إليه من كل شيىء كان محباً لمحبوباته وأوامره، مبغضاً لمنهياته، مسارعاً بالامتثال والانقياد، ولا يبقى إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله به ومن كان هذا حاله غفرت ذنوبه السابقة مهما بلغت وزكا حمله وصلح حاله في الدنيا وحاله في الآخرة.
اركان لا إله إلا اللّه:
للشهادة ركنان:
نفي في قوله: "لا إله".
إثبات في قوله: "إلا الله".
"فلا إله" نفت الألوهية عن كل شيء سوى الله،
وإلا الله" أثبتت الألوهية لله وحده لاشريك له.
(معنى شهادة أنّ محمداً رسول الله):
معناها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد ا لله إلا بما شرع، فلا بد للمسلم من تحقيق أركان تلك الشهادة، فلا يكون كامل الشهادة له بالرسالة من قالها بلسانه وترك أمره، وارتكب نهيه، وأطاع غيره، أو تعبّد الله بغير شريعته، قال (صلى الله عليه وسلم) : "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله" رواه البخاري، وقال (صلى الله عليه وسلم) : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد" متفق عليه.
* ومن مقتضى هذه الشهادة -أيضاً- أن لا يعتقد أن لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حقاً في الربوبية، وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع والضر إلا ما شاء الله
نور اليقين- عضو برونزى
- عدد الرسائل : 166
نقاط : 6052
تاريخ التسجيل : 20/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:17 من طرف admin
» العزة في الجهاد
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:13 من طرف admin
» "كفى استحمارا" الحلقة الأولى والثانية
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:01 من طرف admin
» نصيحة للشيعة الذي يعتقد أن دينه صحيح يدخل والذي لا يعتقد دينه صحيح لا يدخل
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:56 من طرف admin
» جرائم الشيعه ضد اهل السنه فى العراق (وثائق وصور)!!!!!!!!
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:54 من طرف admin
» أرشيف لجرائم الشيعه في أهل السنة بالعراق
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:51 من طرف admin
» مخططات الصيانة لجوالات Samsung
السبت 23 مارس 2013 - 0:13 من طرف مختارعقلان
» تقييد البث وإغلاق قنوات بمصر
الأربعاء 13 أكتوبر 2010 - 20:30 من طرف
» الولاء والبراء في عقيدة أهل السنة والجماعة
الثلاثاء 16 مارس 2010 - 1:19 من طرف نسمة الايمان