في ظلال آية الحلقة السادسة
صفحة 1 من اصل 1
في ظلال آية الحلقة السادسة
في ظلال آية
الحلقة السادسة
لازمت لفظة (خامدون، خامدين) سياق العذاب في قوله تعالى: {فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين} [الأنبياء15] و {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون} [يس29].
فقد جاءت كلمة (خامدون، خامدين) بمعنى الموت، ولم تأت في المعجم بهذا المعنى إذ جاءت في سياق النار، خمدت النار: سكن لهبها ولم يطفأ جمرها، والخمّود: موضع تدفن فيه النار حتى تخمد(1)، فقد انتقلت الدلالة من إخماد النار إلى الموت بوساطة الاستعارة.
وقد يسأل لماذا لم يقل سبحانه وتعالى (هامدون) بدلاً من (خامدون) ولاسيما أن الفعل (همد) يفيد انطفاء وسكون لهبها، فهمدت النار: طفئت وذهبت البتة فلم يبن لها أثر ويفيد الفعل (همد) الموت والفناء كذلك، فالهمود هو الموت، ونبات هامد: يابس(2)، ولعل في هذا المعنى الأخير توهماً أن (همد) تتناسب مع سياق الآية أكثر من (خمد) لوجود لفظ (حصيداً)، وبطلان هذا التوهم ينبع من الفرق بين (خمد) و(همد)، فمعنى خمدت النار: سكن لهبها ولم يطفأ جمرها، أما معنى همدت النار: طفئت وذهبت البتة فلم يبن لها أثر(3)، فالخامدون في الآيتين ميتون، ولكن أجسادهم لا تتلاشى كالنار الهامدة التي لم يبق لها أثر فحال أجسادهم كالنار الخامدة التي انطفئت وبقي جمرها تحت الرماد، فكما يبقى شيء من النار الخامدة التي يمكن أن تشتعل ويعود إليها لهبها من جديد كذلك يبقى من أجسادهم الميتة التي تتحول إلى عظام ورفات (شيء) يعيد إليها الحياة يوم البعث، وبناء عليه نستطيع أن نفهم قول الآلوسي: "ولعل في العدول عن (هامدون) إلى (خامدون) رمزاً خفياً إلى البعث بعد الموت"(4).
ومن تمام الفائدة أن نشير إلى أن مادة (همد) لم ترد في القرآن الكريم إلا في سياق إحياء الأرض في موضع واحد وذلك في قوله تعالى: {وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} [الحج5]، ولعل سبب مجيء (هامدة) بدلاً من (خامدة) في هذا السياق أن عناصر الحياة والتجدد لا تتوافر في الأرض بذاتها، وإنما يأتي إحياء الأرض من السماء بوساطة الماء كما نصت عليه الآية، فالشيء الهامد لا تبقى فيه عناصر حياة وتجدد بخلاف الشيء الخامد الذي يشتمل على عنصر الحياة والتجدد بأمر الله.
ولو وازنا بين سياق الخمود في الآيتين المتقدمتين (الأنبياء15 ويس29) وسياق همود الأرض (الحج5) لتبين لنا أن تحول حالة الخمود إلى الحياة يوم البعث لا يتم بوساطة عناصر حياة خارجية كالماء مثلاً، أما تحول حالة الهمود إلى الحياة فيتم بوساطة الماء كما تضمنت الآية، وبهذا يتجلى لنا الفرق بين استخدام (خامدون) في سياق الموت واستخدام (هامدة) في سياق الجفاف والقحط.
بقلم الدكتور: د. عمر عبد الهادي عتيق
---------------------------
الحلقة السادسة
لازمت لفظة (خامدون، خامدين) سياق العذاب في قوله تعالى: {فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين} [الأنبياء15] و {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون} [يس29].
فقد جاءت كلمة (خامدون، خامدين) بمعنى الموت، ولم تأت في المعجم بهذا المعنى إذ جاءت في سياق النار، خمدت النار: سكن لهبها ولم يطفأ جمرها، والخمّود: موضع تدفن فيه النار حتى تخمد(1)، فقد انتقلت الدلالة من إخماد النار إلى الموت بوساطة الاستعارة.
وقد يسأل لماذا لم يقل سبحانه وتعالى (هامدون) بدلاً من (خامدون) ولاسيما أن الفعل (همد) يفيد انطفاء وسكون لهبها، فهمدت النار: طفئت وذهبت البتة فلم يبن لها أثر ويفيد الفعل (همد) الموت والفناء كذلك، فالهمود هو الموت، ونبات هامد: يابس(2)، ولعل في هذا المعنى الأخير توهماً أن (همد) تتناسب مع سياق الآية أكثر من (خمد) لوجود لفظ (حصيداً)، وبطلان هذا التوهم ينبع من الفرق بين (خمد) و(همد)، فمعنى خمدت النار: سكن لهبها ولم يطفأ جمرها، أما معنى همدت النار: طفئت وذهبت البتة فلم يبن لها أثر(3)، فالخامدون في الآيتين ميتون، ولكن أجسادهم لا تتلاشى كالنار الهامدة التي لم يبق لها أثر فحال أجسادهم كالنار الخامدة التي انطفئت وبقي جمرها تحت الرماد، فكما يبقى شيء من النار الخامدة التي يمكن أن تشتعل ويعود إليها لهبها من جديد كذلك يبقى من أجسادهم الميتة التي تتحول إلى عظام ورفات (شيء) يعيد إليها الحياة يوم البعث، وبناء عليه نستطيع أن نفهم قول الآلوسي: "ولعل في العدول عن (هامدون) إلى (خامدون) رمزاً خفياً إلى البعث بعد الموت"(4).
ومن تمام الفائدة أن نشير إلى أن مادة (همد) لم ترد في القرآن الكريم إلا في سياق إحياء الأرض في موضع واحد وذلك في قوله تعالى: {وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} [الحج5]، ولعل سبب مجيء (هامدة) بدلاً من (خامدة) في هذا السياق أن عناصر الحياة والتجدد لا تتوافر في الأرض بذاتها، وإنما يأتي إحياء الأرض من السماء بوساطة الماء كما نصت عليه الآية، فالشيء الهامد لا تبقى فيه عناصر حياة وتجدد بخلاف الشيء الخامد الذي يشتمل على عنصر الحياة والتجدد بأمر الله.
ولو وازنا بين سياق الخمود في الآيتين المتقدمتين (الأنبياء15 ويس29) وسياق همود الأرض (الحج5) لتبين لنا أن تحول حالة الخمود إلى الحياة يوم البعث لا يتم بوساطة عناصر حياة خارجية كالماء مثلاً، أما تحول حالة الهمود إلى الحياة فيتم بوساطة الماء كما تضمنت الآية، وبهذا يتجلى لنا الفرق بين استخدام (خامدون) في سياق الموت واستخدام (هامدة) في سياق الجفاف والقحط.
بقلم الدكتور: د. عمر عبد الهادي عتيق
---------------------------
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:17 من طرف admin
» العزة في الجهاد
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:13 من طرف admin
» "كفى استحمارا" الحلقة الأولى والثانية
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 1:01 من طرف admin
» نصيحة للشيعة الذي يعتقد أن دينه صحيح يدخل والذي لا يعتقد دينه صحيح لا يدخل
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:56 من طرف admin
» جرائم الشيعه ضد اهل السنه فى العراق (وثائق وصور)!!!!!!!!
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:54 من طرف admin
» أرشيف لجرائم الشيعه في أهل السنة بالعراق
الأحد 27 سبتمبر 2015 - 0:51 من طرف admin
» مخططات الصيانة لجوالات Samsung
السبت 23 مارس 2013 - 0:13 من طرف مختارعقلان
» تقييد البث وإغلاق قنوات بمصر
الأربعاء 13 أكتوبر 2010 - 20:30 من طرف
» الولاء والبراء في عقيدة أهل السنة والجماعة
الثلاثاء 16 مارس 2010 - 1:19 من طرف نسمة الايمان